عنوان المقال: عودة رموز العهد السابق: دفاع عن الفساد أم وفاء للوطن؟
في الوقت الذي تواصل فيه الجهات القضائية تحقيقاتها في قضايا الفساد التي تلاحق الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبد العزيز، يطفو على السطح مشهد سياسي يثير الكثير من الجدل عدد من معاوني الرئيس السابق، الذين شغلوا مناصب حساسة خلال فترة حكمه، عادوا إلى الساحة مدافعين عنه، مطالبين بتبرئته مما وُجه إليه من تهم تتعلق بنهب المال العام وسوء إدارة موارد الدولة.
لكن هذه "الصحوة السياسية" التي تشهدها البلاد، في ظل محاولات هؤلاء الدفاع عن الرجل، تطرح تساؤلات مشروعة لدى الرأي العام: هل هؤلاء المدافعون يناصرون العدالة، أم أنهم يسعون لحماية أنفسهم من المحاسبة؟ وهل من المنطقي أن نثق بأشخاص كانوا جزءًا من منظومة متهمة أصلاً بالفساد وسوء التسيير؟
يرى كثيرون أن هذا الحراك ليس إلا محاولة مكشوفة لإعادة تدوير نفس الوجوه، والالتفاف على مسار العدالة الذي بدأ يشق طريقه في البلاد منذ رحيل النظام السابق. فالأسماء التي تطالب اليوم ببراءة ولد عبد العزيز، هي نفسها التي سكتت لسنوات عن التجاوزات، وشاركت –بشكل أو بآخر– في صُنع مشهد الفساد الذي عانت منه موريتانيا واقتصادها ومواطنيها.
اللافت في الأمر أن الخطاب الذي يستخدمه هؤلاء لا يخلو من التناقضات؛ فبين من يصف التحقيقات بـ"الانتقام السياسي"، ومن يعتبرها "تصفية حسابات"، يبدو جليًا أن الهدف الأساسي ليس البحث عن الحقيقة، بل إرباك الرأي العام، والتشويش على مسار المحاسبة.
إن هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها موريتانيا تتطلب يقظة شعبية، ودعما قويًا لمؤسسات العدالة، وعدم السماح بعودة المفسدين إلى المشهد تحت شعارات زائفة. فالبلاد لا يمكن أن تبني مستقبلها على أنقاض الفساد، ولا أن تتقدم إذا ما بقيت رهينة لحلقات تكرار الماضي.
في النهاية، فإن الرهان الحقيقي اليوم هو على وعي الشعب الموريتاني، وقدرته على التمييز بين من يخدم الوطن، ومن يخدم مصالحه الشخصية. فلن تكون هناك نهضة حقيقية إلا بقطع الصلة مع رموز الفساد، والمضي قدمًا في طريق الشفافية والإصلاح.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق