مثلت موسيقى الراب منذ بدايتها في تونس ثورة على الأنماط الموسيقية الكلاسيكية وتمكنت من الوصول إلى الذائقة الموسيقية خاصة لدى الشباب، متحدية بذلك انتقادات المتمسكين بالأنماط الموسيقية القديمة من أغان وترية وصوفية وجاءت أغاني الراب التونسية بمضامين جريئة في مواضيعها العاطفية والثورية وحتى السياسية، وكسرت الصورة السائدة عن حضور المغني ليقترب مؤديوها من الشباب ولغتهم واهتماماتهم عبر توظيف الإيقاعات السريعة والكلمات الجريئة.
وأوضح أستاذ الموسيقى والملحن الطاهر القيزاني في تصريحات أن النشأة الاجتماعية لموسيقى الراب كانت في إطار ثورة على السائد داخل المجتمعات وقد وجدت في البداية لتعبر عن غضب شريحة معينة من المجتمع ضد كل ما هو سائد مما أثار حفيظة السياسيين والمنظومات الحاكمة التي قاومتها بشدة في البدايات ثم نجحت في تحويلها إلى منتج تجاري وتوظيفها لتكون الفن البديل والملجأ وهو المسار الاجتماعي نفسه لنشأة الراب في كل دول العالم ومن ضمنها تونس.
وتابع القيزاني واصفا الترابط بين المجتمعات وموسيقى الراب: "كنت أعتقد أن أغاني الراب الجريئة تؤثر في الشباب ولكنني عندما تمعنت في واقع المجتمع التونسي استنتجت أن الشباب يتحدثون نفس لغة مغني الراب بما يعني أن الخطابات التي تبثها الأغاني هي نتاج مجتمعي يؤثر في فناني الراب ويعبر عن المشاكل داخل المجتمع مثل قضايا الحرقة أو الهجرة السرية واستهلاك المخدرات والحياة داخل عالم الأحياء الشعبية".
واعتبر أستاذ الموسيقى أن ما يشاع عن بذاءة وجرأة بعض أغاني الراب لا يختلف عن الانتقادات التي وجهت لأنماط موسيقية شعبية وجدت في فترات تاريخية سابقة مثل "أغاني المزود" أو "الأغاني الخضراء" أو "أغاني السجون " وكلها كانت بمحتوى لفظي جريء ومتحرر من كل القيود حسب الفترات التاريخية المختلفة.
وخلص القيزاني إلى أن الراب اليوم تحول إلى مادة تجارية استهلاكية تستهوي الشباب وتعبر عن أحاسيس الشعب ويستهلكه الصغار قبل الكبار وتجدر الإشارة إلى أن فن الراب في تونس ولد خلال التسعينات وازدهر داخل الأوساط الشعبية ثم اخترق كل الأوساط الاجتماعية بعدها بسنوات ليخرج من السرية ويدخل المهرجانات والتلفزيون وحتى الحفلات الخاصة ويصنع مريدين ونجوم ونجمات تجاوز العشرات منهم المحلية إلى العالمية.
من جانبه قال نقيب المهن الموسيقية ماهر الهمامي في تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية إن موسيقى الراب في تونس تحظى بمتابعين كثر وتعد صناعة فنية مربحة خاصة وأن أغنية الراب تتكلف ثلث الأغنية الوترية فالفنان يكتب الكلمات ويؤديها ثم يقوم بتركيب الموسيقى. وتابع: "في تونس ننتج يوميا 600 أغنية راب غير أن من يصل إلى النجومية من أصحاب هذه الأغاني لم يتجاوزوا العشرات".
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق