الأربعاء، 2 فبراير 2022

موريتانيا : اللوح والدواة.. ملحمة العلم في صحراء شنقيط

اللوح والدواة

 

في أعماق الصحراء الموريتانية وبين دروبها تكونت مدارس أصبحت مضرب مثل في حفظ روادها وإتقانهم، أطلق عليها اسم "المحاظر"، والمحظرة نظام تعليمي تقليدي خرّج عبر العصور علماء أجلاء برزوا في علوم كثيرة فعبر ألواح خشبية ودواة حجرية أنار الشناقطة دياجير الجهل، ونقشوا العلوم في صدور أبنائهم، بداية من الحروف الأبجدية مروراً بحفظ القرآن الكريم، وصولاً إلى متون علمية في شتى المجالات، لتنهض حواضر علمية أشرقت أنوارها في جهات الأرض، عبر كواكب تهدي السائرين في دروب العلم. 

 

يستخدم الموريتانيون الألواح الخشبية التي تصنع من شجرة السدر، حيث يعلم المشايخ التلاميذ كتابة الحروف ونطقها، ويعلمهم القراءة ومن ثم حفظ القرآن الكريم بداية من سورة الناس، حيث يكتب "الطالب"، وهو الاسم الذي يطلق على الشيخ الذي يقوم بتحفيظ الصغار القرآن، "الكتبة"، وهي الآيات المراد حفظها على اللوح في يوم معين، ليأخذه التلميذ ويستمر في ترديد الآيات حتى يحفظها عن ظهر قلب بالتكرار، وفي اليوم التالي يغسل لوحه بالماء، ليأخذ آيات جديدة بنفس الأسلوب والطريقة. 

 

القلم المستخدم في كتابة الحروف والسور مصنوع من خشب شجرة تدعى "السبط"، حيث تسن مقدمته بشكل مائل، أما الحبر الذي يكتب به فهو عبارة عن فحم مضاف إليه الصمغ العربي وقليل من السكر والماء، يوضع في دواة بدائية عبارة عن حجر مجوف وتخلط لتتكون مادة سوداء تستخدم للكتابة رغم توافر سبل التعليم التكنولوجية والتقنيات الحديثة والألواح الرقمية للتعليم، إلا أن الألواح الخشبية لاتزال الخيار الأول والمفضل، حيث تعد ميراثاً تتناقله الأجيال.

 

ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

جميع الحقوق محفوظة © موريتانيا لايف
تصميم : يعقوب رضا