مرَّت فترة (11 آذار/مارس 2021) الذكرى السنوية العاشرة لوفاة عالم الرياضيات الموريتاني، يحي ولد المختار ولد حامدون، الذي إشتهر عالمياً باسمه المختصر ”يحيى ولد حامد“، وسط إهمال شبه تام للإحتفال بهذه الشخصية العربية النادرة الفذة، مثلما سنرى بعد قليل من خلال سيرته اللامعة.
أدناه، خلاصة لجانب صغير من حياة عالم الرياضيات، يحي ولد حامد، من بين مئات الصفحات كتبها علماء رياضيات في العالم عن نظرياته في الرياضيات، علاوة إلى العديد من المواقع المتخصصة، وأيضاً موقع ”ويكيبيديا” الذي نشر عن، ولد حامدون، بخمس عشرة لغة - تجدون في آخر هذه الرسالة روابط بعض هذه المواقع.
أنجز، يحي ولد المختار ولد حامدون، عديداً من البحوث العلمية، وحل العديد من الإشكاليات الرياضية المطروحة على مستوى العالم من أبرزها الإشكال الذي طرحه العالم الرياضي الياباني - الاسترالي ”تيرنس تاو“ (أذكى رجل في العالم) عن طريقة فرايمان كنيسير Freiman-Kneser في مجال نظرية الأعداد غير التبادلية.
في 1981 تم ترقيته الى باحث من الدرجة الأولى عالمياً. إلى جانب عمله البحثي، عمل كمحاضر في عديدٍ من الجامعات العالمية، وقد أنتج وحده مائة بحث ونظرية رياضية، منها 95 بحثا منشورة على موقعه الرسمي التابع لجامعة باريس، وهو ما يتجاوز مجموع ما أنتجه جميع علماء أفريقيا في مجال الرياضيات.
يدخل عدد من نظرياته في الصناعات التطبيقية الحالية في مجال المعلوماتية والكهرباء والفضاء، وفازت إحدى نظرياته التي قدمها أحد طلبته اليابانيين بجائزة médaille" fields" التي توازي جائزة نوبل.
يُعتبر عالم الرياضيات الفرنسي، آلان بلان Alain Plagne، الحائز على الجائزة الأوربية في الرياضيات في 2003، أكثر شخص كتب عن، يحي ولد المختار ولد حامدون، بجوانبها العلمية والشخصية. توجه بلان إلى موريتانيا عدة مرات وتتبع حياة ولد حامدون منذ طفولته، وأيضاً سيرة والده، وحتى بحث في مواهب بعض أجداده.
من بين البحوث التي كتبها، بلان، عن العالم الموريتاني، بحثاً بعنوان: ”يحيى ولد حميدون موريتاني عظيم، رجل فريد، YAHYA OULD HAMIDOUNE GRAND MAURITANIEN, HOMME SINGULIER, MATHEMATICIEN D’EXCEPTION”. من هذا البحث أقتبس لكم الفقرات الثلاث التالية، وما بعدها لا يعود له:
وُلد ”يحيى ولد حامد“، في تشرين الأول/أكتوبر عام 1947، في بلدة ”أطار”، موريتانيا، في عائلة مثقفة من قبيلة أولاد دايمان. في ذلك الوقت، كان مختار، والده، مدرساً، ثم أصبح فيما بعد بمثابة موسوعة كبرى - مؤرخ وجغرافي ونحوي وفقيه وشاعر، إلخ. ألف مختار موسوعة باسم ”موريتانيا” في 1952 (تتكون من 42 مجلداً عن الحياة الموريتانية). بعد ذلك شغل مناصب عالية، إذ سيكون فيما بعد محرراً مشاركًا لنصوص الدستور الموريتاني لعام 1959، بعدها مستشار الرئاسة…إلخ. أحد أسلاف يحيى، محمد بابا ولد عبيد، كان مهتماً بعلم المنطق.
في سن الخامسة عشرة، ذهب يحيى للدراسة في القاهرة. بقي هناك حتى الانتهاء من دراسته العليا في الرياضيات. إستندَ تدريبه الرياضي الأولي أساسا على الجبر الذي سيحتفظ بجاذبية كبيرة على الشاب الموريتاني، خاصة لقدرته على توفير نتائج دقيقة جدا.
في 1970، بعد عودته إلى نواكشوط، قام يحيى بالتدريس في المدرسة الثانوية الوطنية (لم تُنشأ جامعة نواكشوط إلا بعد عشر سنوات من ذلك). خلال سنوات الشباب هذه، إنخرط يحي في الحركة الوطنية المرتبطة بمناهضة الاستعمار الجديد في المجتمع الموريتاني. سيكلفه ذلك عدة أشهر في السجن، لكنه سيحتفظ بذكرى مولعة بها.
يمتلك ولد حامد علاقة قوية بوطنه موريتانيا، إذ رفض الجنسية الفرنسية والأمريكية التي قُدِّمت له مُصراً على الاحتفاظ بجنسيته الموريتانية. كان يقضي عطله في مسقط رأسه ببلدة (أطار).
علاوة إلى ذلك، هو شاعر وأبوه من أكبر الشعراء الشناقطة وكان قد حفظ القرآن الكريم وهو في الثالثة عشر من عمره ودرس الفقه المالكي في الحواضر الموريتانية.
توفي ولد حامد في 11 آذار/مارس 2011 في أحد مستشفيات باريس بسبب تسمم في الدم، رحل في صمت مخلفا وراءه عشرات الأوراق العلمية التي استشهد وأشاد بها الكثير من كبار الرياضيين.
تبقى جائزة يحيى ولد حامد للرياضيات التي تنظمها الجمعية الموريتانية لترقية الرياضيات سنوياً هي رد الجميل الوحيد الذي يربطه بوطنه موريتانيا الذي ظل يفتخر به. يا تُرى هل ينجح أشقاؤه العرب، نشر معلومات عن هذه الشخصية الموريتانية تخليداً لعالم عربي لا يكاد يعرفه أحد؟ آمل ذلك.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق