ارتبط اسم المرحوم همام ولد محمد المختار الملقب همام فال بالمسرح الموريتاني والنقد الاجتماعي البناء والطرافة، غير أن ذلك لم يكن كل شخصية الرجل، فقد تعايشت في شخصية المرحوم همام الثقافة الحسانية الواسعة والعمل الجاد من أجل تغيير العقليات السائدة، إضافة إلى عنصر آخر بالغ الأهمية وهو العمل الخيري حيث كان همام من أبرز المنفقين على الفقراء وأهل العلم خلال عقدي الستينيات والسبعينيا
ولد همام في أطار سنة 1912 وعاش أطوار حياة مختلفة في مختلف المهن والأعمال وذلك من أجل بناء ذاته وتكوين أسرته وثروته التي امتدت بعد ذلك وكان أحد أبرز أثرياء مدينة نواكشوط الناشئة
يتحدث همام في إحدى مقابلاته الساخرة عن أعماله وعن كيفية تحصيل ثروته فيقول إنها حصلها بالصبر والكد " (تباعيد الصرطات )عملت بكافة الأعمال أمضيت وقتا أعمل في تسلق النخيل من ثم أتيت إلى هنا وعملت طباخا للنصارى، وبعد ذالك استقلت البلاد ثم هممت بممارسة السينما عملت مهرجا "الكيكوطية" أملا بتحصيل المال لكن جل مداخيله كانت تذهب إلى المحصلين بعدها عملت بائعا للحلي (لخرز) وبعت" ابوف" (وهو نوع من الشعر الإصطناعي تضعه المرأة على رأسها) ومارست الرقص، مارست كل الأعمال حتى أنني كنت أطبخ الرؤوس وأبيعها وغسلت الصحون والملابس ...لم يسبق لي أن ترفعت عن أي مهنة عدا السرقة والخمر
عمل همام فال على تحديث الفن الموريتاني من خلال إدخال فن المسرح عبر عدة مؤسسات وأنماط ثقافية حيث أنشأ عدة فرق من أشهرها فرقة الكيكوطية التي أنشأها قبل الاستقلال بسنتين، إضافة إلى عدة مؤسسات مسرحية أخرى نشطت في نواكشوط خلال عقدي الستينيات والسبعينيات وكانت الأساس الذي قامت عليه فرق المسرح والمسار المسرحي عموما في موريتانيا
مثل بيت همام صالونا ثقافيا وسياسيا مفتوحا لكل النخبة الموريتانية التي كانت تجتمع في هذا البيت ويقيم بعضها فيه لفترات طويلة، وشهد هذا الصالون إنتاج روائع من الأدب الموريتاني إضافة إلى سجالات كثيرة ومتعددة بين عمالقة الأدب الحساني من مختلف ولايات موريتانيا وقد كان للأديب همام رحمه الله تعالى دور كبير في تحديث الأدب الحساني سواء على مستوى لغته أو مستوى مضامينه حيث دخلها النقد السياسي والاجتماعي بشكل كبير وركز همام على نقد كثير من مظاهر الانحراف في المجتمع وخصوصا سيطرة الأوهام والخرافة.
أولى المرحوم همام العمل الخيري والإنفاق على الفقراء والمحاظر اهتماما خاصا، ويكفي في هذا السياق الشهادة والدعاء الذي رفعه القاضي اسماعيل بن الشيخ سيديا عند وقف على قبر المرحوم همام عند دفنه وقال " الله إنه كفاني هم الدنيا فاكفه اللهم هم الآخرة
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق