الأسلاف بالنسبة لعديد من الصينيين، يجب احترامهم، كما يجب ايضا تلبية احتياجاتهم. فالأسر تحرق القرابين من أموال مزيفة او نماذج من الورق للسيارات الفاخرة اذا ما كان السلف في حاجة الى مال او وسيلة نقل فاخرة في العالم الآخر. ولكن هنا في الوديان على ضفاف النهر الاصفر المعروفة باسم نجد لوس، فإن بعض آباء الابناء الذين ماتوا بلا زواج يقدمون على خطوة اخرى. فالضمان رضاء الابن في الحياة الاخرى، يبحث بعض الاباء عن امرأة ميتة لتزويجها لإبنهم، وبعد العثور على الجثمان يتم دفنهما معا كزوجين.
ويقول يانغ هوشنغ البالغ من العمر 48 سنة وهو حانوتي متجول في منطقة قال انه حضر مثل هذه الجنازة في الربيع الماضي «يتكرر ذلك كثيرا، ولا سيما عندما يموت شاب او مراهق. وهي شيء عادي. اعمل في هذه المهنة منذ 8 سنوات وقد شاهدت العديد من الاشياء».
وهذا التقليد الريفي يعرف باسم مينغوم،
او الزواج في الحياة الاخرى. ويقول العلماء الذين درسوا هذه العادة انه
متأصلة في مفهوم عبادة الفرد الصينية، الذي يؤكد استمرار الناس في الوجود
بعد الموت وان الحي ملتزم بتلبية احتياجاتهم، والا تعرض للعواقب. كما ان
التقاليد الصينية تؤمن ان حياة الشخص غير المتزوج غير كاملة.
وفي مقابلات عشوائية في عديد من القرى في نجد لوس الذي ينتشر عبر اجزاء من اقليمي شانسي وشنسي، تبين ان كل الاشخاص اعترفوا بوجود هذه العادة. وقال الناس ان اباء الابناء الموتى يعتمدون على شبكة غير رسمية من الاصدقاء او الاسر، بل وحتى اشخاص محترفين للعثور على اسرة فقدت ابنة عزباء. وبيع وشراء الجثث غير قانوني في الصين، ولكن هذه العمليات الفردية، التي تتم عادة نقدا، تجري بهدوء بين الاسر.
وفي بعض القرى يحق للابن مثل هذه الزوجة اذا ما كان في الثانية عشرة من عمره او اكبر عند موته. ولم يعتبر الاشخاص الذين تمت مقابلتهم مثل هذه العادة مخجلة او فظيعة. وقد حاول الحزب الشيوعي، بنجاح متفاوت، القضاء على معتقدات يعتبره خرافة. ولكن استمرار ممارسة العادات القديمة في نجد لوس هو دليل على بعد المنطقة. وفي مناطق اخرى من الريف الصيني، يصعب معرفة مدى، بل وما اذا كانت تلك العادة منتشرة.
وتجدر الاشارة الى ان نجد لوس، وهو منطقة من الوديان بعضها قراها لا يمكن الوصول اليها عبر الطريق، بعيدة من معظم التغييرات الواقعة في الصين. وقد فر العديد من الشباب تلك التلال القاحلة، بينما يبذل الذين بقوا جهدا كبيرا لزراعة محاصيل. كما ان العديد منهم يبذل جهدا كبيرا للعثور على زوجة.
والسبب ان العديد من النساء تركن المنطقة بحثا عن عمل في
المدن، ولن يعودوا، بينما النساء اللائي بقين في المنطقة لا يمكنهن
الاختيار. فلن تقر أية اسرة زواج ابنتها من رجل في غاية الفقر لا يمكنه
تقديم المهر. بينما تتولى اسر بعض الرجال الفقراء تجميع مدخراتها لشراء
زوجة من بائع زوجات، وهو سمسار متنقل يتولى اغراء وخداع بل واختطاف النساء
من مناطق اخرى ثم يبيعهن.
وفي قرية تشنجيانيوان قال مزارع اسمه تشين
زينغوا البالغ من العمر 57 سنة ان هذا التقليد يمثل الجهد الاخير من الاباء
للعثور على عروس لابن مات. وقال ان ولده شاب معاق كان قلقا من ان ابنه
سيموت قبل العثور على زوجة، مما دفعه الى دفع خاتم وعقد ذهبي الى اسرة
امرأة لكي تقبل الزواج من ابنه.
وقال تشين ان زواجه هو، وهو في سن الخامسة والثلاثين، كان ضربة حظ، جاءت بعدما اجرى اتصالات مع اسرة شابة في قرية اخرى. وقد سمح له الزواج بإنجاب ثلاثة اولاد. ولكنه قال ان العرائس المتوفرات اصبحن محدودات، وهو ما يزيد قيمتهن.
وذكر القرويون ويانغ الحانوتي، ان الاسرة التي تبحث عن جثة امرأة يجب ان تدفع ما متوسطه 10 الاف يوان او ما يوازي 1200 دولار وهو ما يوازي اربع مرات متوسط دخل المزارع. وتجدر الاشارة الى ان وجود مثل هذا السوق للعرائس ادى الى انتشار تقارير عن سرقات المقابر. ففي العام الحالي قبض شخص من اقليم شانسي على رجلين خلال محاولة نبش قبر لاخراج جثة زوجته. وفي شهر فبراير، حاولت امرأة من اقليم يانغكوان شراء بقايا جثة فتاة في الخامسة عشر من عمرها، جرى التخلي عنها في مستشفى في مدينة اخرى، لارضاء شقيقها الميت غير المتزوج.
وقالت ان شبح الشقيق يطالبها بزوجة.
وذكرت غيو يوهاو استاذ علم الاجتماع في جامعة كينغهوا في بكين، والخبير في التقاليد الشعبية وعادات الدفن في نجد لوس، ان عادة مينغهون نشأت من التعاطف والخوف من الميت. وقالت ان اباء الفتيات الموتى، مثل هؤلاء الذين مات اولادهم، ينفذون التزاما لبناتهن. وسيبيعون جثث البنات كطريقة للعثور على مكان لهم في المجتمع الصيني، حيث تملي التقاليد بعدم وجود مكانة للفتيات في شجرة اسرة الأب. وقالت البروفسور غيو، التي اجرت دراسات بعد الحصول على الدكتوراه في جامعة هارفارد، «الصين مجتمع ابوي. المرأة لا تنتمي لأبويها.
ليست هناك تعليقات:
اضافة تعليق